تقاسيمُ عِشْق


تقاسيمُ عِشْق
أمين سرحان
لكَمْ جُدْتُ عَزْفاً تقَاسِيمَ عِشْقٍ
بأَوْتارِ شِعْرِي وَ لَوْعِ اشْتِياقي
تقَاسِيمُ وَجْدي تطُوفُ البِلادَ
تَجُوبُ الحَوارِي وكُلَّ زُقَاقِ
تَجُولُ وتَطْرُقُ باباً فَباباً
لتُعْلِنَ أنِّي أتُوقُ التَّلاقِي
لذَاتِ العُيُونِ الكَحِيلَةِ شَوقِي
تقَاسِيمُ عشْقٍ و أَلْحانُ شاقِي

فيديو القصيدة

تَحُومُ عُلُوَّاً وَتَرْقَى تُدانِي
عَنانَ السَّماءِ وسَبْعٍ طِباقِ
تَهُزّ النُجُومَ مَشاعِرُ عِشْقِي
فتَأْسَى لحالِي لِرَوْعِ المَشاقِّ
وَتَشْدُو الطُيُورُ بِشِعْرِي الحَزِينِ
تُناجِي الزُهُورَ بلَحْنِ الوِفاقِ
لعَلّ الحبِيبَةَ تُصْغِي للَحْنِي
وَتَسْمَعُ شِعْرِي فَترْضَى لَحاقِي
نظَمْتُ القَصائِدَ لَحْناً حَنُوناً
سَكَبْتُ القَصائِدَ فَوْقَ السّوَاقِي
لعَلّ القَصائِدَ تَجْرِي إلَيْها
على ماءِ نَبْعٍ همَى بانْدِفاقِ
سَطَرْتُ الكلامَ بِخَفْقِ الفُؤادِ
رسَمْتُ الحرُوفَ بِدَمْعِ المَآقِي
نثَرْتُ القَصائِدَ فَوْقَ الكُرُومِ
فجَادَتْ قُطُوفاً مُسِيلَ الرِياقِ
جَمَعْتُ القُطُوفَ حُرُوفاً ومَعْنىً
عَصَرْتُ التَشَوُّقَ حُلْوَ المَذَاقِ
وَعَتّقْتُ ذَاكَ التَشَوُّقَ دَهْراً
بحِرْصٍ شَدِيدٍ وَخَوْفِ انْدَلاقِ
سَكَبْتُ الكَؤُوسَ بذَاتِ المَكانِ
أُعِدّ لعَلِّي نَدِيمِي أُساقِي
سَهِرْتُ الليالِي أُناجِي خَيالاً
لعَلَّ الخيالَ يُواتِي عِناقِي
ظِلالٌ تَراءَتْ لعَيْنِي تُدَانِي
تعَشِّمْتُ خَيْراً بِطِيبِ الوِفاقِ
فطَرَّزْتُ شوْقِي بِخَيْطِ الهُيامِ
فجَاءَ الخَيالُ بِكُلِّ انْطِلاقِ
حضَنْتُ الخَيالَ بشَوْقِ الشّغُوفِ
فأَرْبَى ضِرامِي وزَادَ احْتِراقِي
فذُبْتُ بِحُضْنِ النَدِيمِ الحِبِيبِ
وفَاضَ الحَنانُ فَزَادَ التِصاقِي
نَدِيمِي تلاشَى بِجُنْحِ الظّلامِ
توَارَى سَدِيماً ولَمْ يبْقَ باقِ
فتَحْتُ عيُونِي رأَيْتُ الجِدَارَ
أذاكَ مَنامٌ ومَحْضُ اخْتِلاقِ؟
تنَاوَلْتُ كأْسَاً ملِيئاً شَقَاءً
شَرِبْتُ اكْتِئاباً بمُرَّ الفِراقِ
إلاهِي حِماكَ أهَذا جنُونٌ؟
رأَيْتُ الجِدَارَ يُرِيدُ خِناقِي
غضِبْتُ ولكنْ لماذا حِناقِي
فهذا الجِدارُ دَلِيلُ الفَواقِ
برَبِّ العَوالِمِ كَيْفَ الشفَاءُ
منَ الهُلْكِ شوْقاً ومِمّا أُلاقِي
فلا عَزْفُ شِعْرٍ ولا لَحْنُ عِشْقٍ
أفَادَ مُصابِي بِداءِ اشْتِياقِي
فَماذا دَهَانِي؟ أمَسٌّ عَسَى؟ أمْ
تَعاوِيذُ سِحْرٍ و أحْتاجُ راقِي؟

25/3/2024

القصيدة على بحر "المتقارب".

ليت الحياة كتاب


ليت الحياة كتاب
أمين سرحان

كتَبَتْ تُمنّي نفْسها و تُصارِحُ
ليْتَ الحياةَ على كتابٍ تُصْبحُ
لأقلّبَ الصفحاتِ وفْقَ مزاجيَ
وأعودُ للفصْلِ السّعيدِ فأمْرَحُ
فأجبْتُها بلْ دفْترٌ فيُراجَعُ
إنّ الدفاترَ تنْمحي وتُنَقَّحُ

فيديو القصيدة

ليْتَ الحياةَ كَدَفْتَرٍ أتَصَفّحُ
لأجُولَ في صفَحاتِهِ و أُشَرّحُ
فأُقَلِّبُ الصَفَحاتِ إنْ ما راق لي
في أيّ وقْتٍ إنْ أردْتُ و يَسْمحُ
و أُعيدُ تمْحيصَ الأمورَ بدقّةٍ
فأُنَقِّحُ الأوْراقَ فيهِ وأُصْلِحُ
و أُشَطِّبُ الجُمَلَ المُشينَةَ كلّها
و أُجَمِّلُ الخطّ القبيحَ فيُمْدحُ
سأُغيّرُ الصفحاتِ وفْق قناعتي
أمْحي فصولَ تعثّراتٍ تُتْرحُ
و أُمَزِّقُ الصَفَحاتِ و الفَصْلَ الذي
عانيْتَ منْه لمدّةٍ أتَجرّحُ
كي لا أُعانِي ذِكْرياتِ تعاسةٍ
حكمتْ حياتي مُدّةً لا تبْرحُ
صبْرٌ، جلادةُ يونسٍ لمْ تكْفني
حتّى خرَجْتُ كَسيرَ رُوحٍ يَجْنَحُ
أُلْغِي قَراراتٍ بطَيْشِي اتْخَذْتُها
عَصَفتْ بِعُمْري ريحُها و تُطوّحُ
أتبيّنُ الأخْطاءَ وقْتَ حُدوثِها
مُتفادياً تَكْرارها فأُصحّحُ
في صفْحةٍ بيْضاءَ أسْطرُ رغْبتي
علِّي أعيشُ حياةَ سعْدٍ ينْضَحُ
فأُبدِّلُ الحُزْنَ الدّفينَ سعادةً
تبْقى تُلازمُني، بها أتلفّحُ
و أعيد أيّاماً سعدْتُ بعيْشها
يهْفُو لِعوْدتِها الفُؤَادُ وَ يَفْرَحُ
مرّتْ سريعاً حينها وكأنّها
حُلُمٌ جمِيلٌ جاءَ يُفْسِدُهُ الصّحُو
فأُطيلُها قدْرَ استطاعةِ قُدْرتي
لأغُوصَ في بحْرِ الهناءِ وأسْبحُ

15- 9- 2023


القصيدة على بحر "الكامل".

الشواطئ والبشر


الشواطئ والبشر
أمين سرحان

في الصّيْفِ تَمْتَلِئُ الشّوَاطِئُ بالبَشَرْ
فتَرى الرؤُوسَ بدَتْ على مدّ البَصَرْ
و تَكادُ لا تَجِدُ المَكانَ لتَحْتَمِي
منْ شَمْسِ صَيْفٍ قائِظٍ مهْما صَغُرْ
و إذا عددْتَ السابحينَ فقِلّةٌ
فلذا ترى المتفرّجينَ هُمُ الكُثُرْ
تحْتَ الشّماسِي بعْضُهُمْ مُتَناوِمٌ
بعْضٌ تَمَوْضَعَ كيْ يُراقِبَ منْ حَضَرْ
و على المناشِفِ نِسْوةٌ ببدانةٍ
قدْ لا تُرى في النّاسِ إلّا ما نَدَرْ

فيديو القصيدة

بعْضٌ يَمُدّ على الرِمالِ شُحُومَهُ
علَّ الرّمالَ تُذِيبُ شحْماً يُخْتَصَرْ
بعْضُ الرجالِ يغُطُّ فوْقَ حصيرةٍ
و هُناكَ منْ تلْقاهُ في الرَّمْلِ انْطَمَرْ
و هُناكَ عائِلةٌ تصايَحَ نسْلُها
و تناطَحَ الصبْيانُ لا أحَدَ انْتَصَرْ
و هُنا عَجُوزٌ قدْ تغَضّنَ جِلْدُها
عَرِيَتْ تُمنّي نفْسها عَوْدَ الصِّغَرْ
و هُناكَ منْ فَرَشَ الرّمالَ مُباهِياً
بتفاخُرٍ جَسَداً تعضّلَ كالْحَجَرْ
و هُناكَ منْ وضعوا الزيوتَ و همُّهُمْ
تسْميرُ لوْنِ جُلُودِهِمْ مِثْلَ الصُّوَرْ
و ترى فتاةً حُلْوَةً تتَبَخْترُ
و تَظُنُّ أنّ جمالها غَلَبَ الأُخَرْ
(أُخَرْ: جمع أُخْرَى)
و على مسافةِ أذْرعٍ أمٌ لهتْ
عنْ طفْلِها فعَلا زَعيقاً و انْفَجَرْ
و رَضِيعُ أُخْرى بالبُكاءِ يُنَغّمُ
و كأَنْ هَدِيرَ الموْجِ أوْرَثَهُ الْخَدَرْ
وتَرى شباباً يافعاً يتغامزُ
لمّا رأوا الفَتَياتِ يلْعَبْنَ الكُوَرْ
و تَرى صبيّاً جاءَ يُمْسكُ مِعْولاً
يبْني القِلاعَ منَ الرِّمالِ و يَفْتَخِرْ
و قرينهُ يغْزو القِلاعَ مُهَدِّماً
ما قدْ بَناهُ أخُوهُ في لمْحِ البَصَرْ
في القرْبِ طائِرَةٌ هَوَتْ ورَقيّةٌ
و خيوطها بيد الصبيّ المُنْكسِرْ
و على المدى طفْلٌ يلاحِقُ قِطَّةَ
و تصيحُ بنْتٌ خلْفَهُ: حاذِرْ خَطَرْ
و هُناكَ منْ حضَنَتْ فتاها خِلْسَةً
رغْمَ الحرارَةِ و اللهِيبِ المُسْتَعِرْ
و على الرّمالِ ترى الحوَائِجَ أُلْقيَتْ
و على الطّعامِ ترى الذُبابَ قدِ انْتَشَرْ
و تَرى الشّبابَ تسابَقوا وتَدافَعوا
نحْوَ المياهِ بلا احْتِراسٍ أوْ حَذَرْ
في البعْد شابٌّ مُقْبلٌ يتَرَنّحُ
يعْلو الصُخُورَ كأنّهُ قدْ ينْتَحِرْ
فترى العُيونَ هُناكَ تشْخَصُ نَحْوَه
أ تُرى سيرْمي نفْسَهُ أمْ ينْتَظِرْ
أذُناكَ تَسْمَعُ دَبَّ لحْنٍ صاخِبٍ
و كأنّهُ في باطِنِ الأرْضِ انْحَشَرْ
عيْناكَ تَرْقُبُ سابِحاً مُسْتَعْرِضاً
قُدُراتِهِ بصِراعِهِ مَوْجاً خَطِرْ
و منَ المِياهِ تَقَدّمَتْ حُورِيّةٌ
و الماءُ يقْطرُ منْ ثناياها دُررْ
سبْحانِ منْ مَشَقَ القَوامَ قوَامَها
خرَجَتْ منَ الماءِ اللآلِئُ بالصُّرَرْ
و على الرمالِ خطتْ هنا برشاقةٍ
كلُّ العُيونِ هُناكَ ترْمُقُها نَظَرْ
فتَباطَأَتْ خُطُوَاتُها وتَبَسّمَتْ
لمّا رأَتْ أفْواهَ جَمْعٍ تنْفَغِرْ
في كُلّ شبْرٍ قِصّةٌ و حِكايَةٌ
فتَعالَ مُصْطافاً و أمْعِنْ في النَّظَرْ
سترى العجائِبَ و الغرائِبَ جُمْلَةً
وفي الطبيعَةِ كمْ يعيثُ بنو البشرْ
فقدتْ شواطِئُنا شذا عُذْريّةٍ
و كذا الرِّمالُ تملْمَلَتْ و كذا الحَجَرْ
حتّى وإنْ زُرْتَ الشواطئَ لاحِقاً
ستَرى الشّواطِئَ بَعْدُ تزْخَرُ بالصّورْ

12- 9- 2023


القصيدة على بحر "الكامل".

وضع النقاط على الحروف


وضع النقاط على الحروف
أو طقطقة الكعاب على الرصيف
أمين سرحان

طالَبْتُها أنْ نلْتَقِي فتَرَدّدَتْ
و تَساءَلَتْ هَلْ منْ أمُورٍ أُحْدثتْ؟
فأجَبْتُها والمُرُّ يمْلَؤُ مُهْجَتِي
وهَنَتْ علاقَتُنا معاً و تَغَيّرَتْ
وضْعُ النِقَاطِ على الحرُوفِ ضَرُورَةٌ
ورَجَوْتُها أنْ نلْتَقِي فَتَجاوَبَتْ

فيديو القصيدة

رغْمَ انْتِظارِي ساعَةً لوُصُولِها
نغَماتُ طقْطَقَةِ الكِعابِ إذِ انْجَلَتْ
لمَسَتْ بقَلْبِيَ موْضِعاً لمُتَيَّمٍ
فتَسارَعَتْ ضَرَباتُهُ وتَعاظَمَتْ
ما أنْ لَمَحْتُ خَيالَها لمّا أتَتْ
حتّى حُرُوفُي و النِقَاطُ تَبَعْثِرَتْ
أيْنَ النِّقاطُ؟ فكالدُّخانِ تبَدّدَتْ
أيْنَ الحرُوفُ تبَعْثَرَتْ و تناثَرَتْ؟
وكَأَنّنِي لمْ أسْهَرِ الليْلَ الطّوِيـ
ـل لأَنْتَقِي الكَلِماتِ حتّى اسْتُنْزِفَتْ
جلَسَتْ أمامِيَ مُدّةً تَتَرَقّبُ
أحْبالُ صَوْتِيَ حَشْرَجَتْ و تَخاذَلَتْ
فتَوَقّفَتْ جُمَلِي أمَامَ جَمالِها
غَصّتْ بِحَلْقِي و الشِّفاهُ تلَعْثَمَتْ
نظَرَتْ مَلِيّاً في عُيُونِي بُرْهَةً
كلُّ الحُرُوفِ على السُّطُورِ تَكَدّسَتْ
مالِي نَسِيْتُ جَمِيعَ ما حَضَّرْتُهُ
قبْلَ اللّقاءِ مِنَ البُنُودِ و أُحْكِمَتْ
ضحَكَتْ فَزَادَ جَمالُها و بَهاؤُها
نهَضَتْ تُتَمْتِمُ جُمْلَتَيْنِ و غادَرَتْ
طرَقاتُ طقْطَقَةِ الكِعابِ بحَسْرَةٍ
ظلّتْ تُلازِمُ مَسْمَعِي لمّا اخْتَفَتْ

17- 8- 2023


القصيدة على بحر "الكامل".

سمراؤه وسمرائي: مناكفة شعرية


سمراؤه وسمرائي
مُناكفةٌ شعرية


بينما كنت أبحث في دفاتري العتيقة (تماماً كالتاجر المفلس) وجدت مناكفةً جرت بيني وبين صديقي الشاعر أسعد المصري في ربيع عام 2009 حول سمرائه وسمرائي. وكم تنميت يومها أن يستمر السجال وكم أتمنى اليوم أن نعيد سجالاً مثله. ولصديقي أسعد ديوان منشور بعنوان "مد الرمال" يقع في 100 صفحة ويضم ثلاثين قصيدة.

إليكم تفاصيل ما حدث

كتب الشاعر أسعد المصري في 17/ 5/ 2009 نصاً شعرياً يتغزل بصديقةٍ سمراء

الهاء

الهاءُ مفتاحُ الهوى
همسةٌ
من روحِ بُنٍّ هدهدتْ
آهاتِ هالٍ
هالةٌ
في بُرهةٍ سَكرى تناهى
إذ رآها تيهُهُ
فهامَ في ما هلَّ منها
و اشتهى !

*******************
فرددت عليه بالأبيات التالية في نفس اليوم

سر الهال
أمين سرحان
و ما سرُّ ذاكَ الهالِ في البُنِّ تَهْواهُ
ألا يُشْرِبُ البُنُّ النّقِيُّ بلا هالِ
أمْ أنَّ الشِّفاهَ يَطيبُ مذاقُها
إذا ما تَخَضّبَتْ بشَيْءٍ منَ الهالِ
أيا صاحِبِي إنّي أرى فيكَ عاشِقاً
شذَى هَالةَ السّمْراءَ مِنْ بعْدِ أمْيالِ
فهلْ أبْدتِ السّمْراءُ عِشْقاً جليّاً أمْ
نسَجْتُمْ مُنى الأَحْلامِ مِنْ خيْطِ آمالِ؟
فيَأتَيكَ هَمْسٌ في ليالِيكَ منْ طَيْفٍ
يبادِلُكَ العشْقَ الشّهِي دونَ مكْيالِ؟
(بحر الطويل)

*******************
أجابني بالأبيات التالية في 24/ 5/ 2009

سمرائي الأنقى
أسعد المصري
لا موْتَ تجلو بهِ كينونةُ الهالِ
كالبُنِّ ، يُغلى لكي يُحييهِ في الحالِ
السرُّ في بُنِّها ـ سمرائيَ الأنقى ـ
في قهوةٍ، روحُها منَّتْ على هالي
بالرّوحِ بالعُمرِ بالأوْقاتِ أحْلاها
فكانتِ المُرتجَى في العِشقِ و الغالي
***
إنْ طيْفَها أنْزلتْ يوماً على روحي
أو صاحبتْ روحُها طيْفي إلى العالي
تخضَرُّ منِّي الرُؤى و الليلُ يُضويني
لا همَّ منْ مرقَدِي يدنو و لا بالي
***
أما إذا أشْرقتْ شمْسٌ بملقاها
أصْحو على بسْمةٍ من ثَغرِ آمالي
أحتارُ في ملْبسي في صِدقِ مِرْآتي
أعدو على درْبِها و الشّوْقُ قتَّالي
تنتابُني رعْشةٌ، في البدْءِ إذْ أدْنو
منْ لحْظةِ الملْتقى، سَكرى، و في التالي
تَوْقٌ إلى حَضْنِها يطْغى على قلْبي
و تشْتهي قُبْلةً بالصمْتِ أقْوالي!
***
صوتٌ كما اللحْنِ منْ نايٍ بِها وَجْدٌ
بالرّوحِ لما سما أوْدى بأغْلالي
قالتْ و نارُ الهوى في قوْلِها أجَّتْ
ما مِنْ عِتابٍ على مَنْ حالُهُ حالي!
(بحر البسيط)

*******************
فناكفته في اليوم التالي بهذه الأبيات

سمرائي الأشهى
أمين سرحان
القهْوَةُ الجُودُ مِنْ سمْرائِيَ الأشْهى
الحُسْنُ طاغٍ بها في أوْجِ إذْهالِ
قدْ أسْكرَتْ قلْبيَ السّمْراءُ بالغُنْجِ
أرْبى مِنَ السُّكْرِ فيهَا نكْهةُ الهالِ
يا صاحِبِي لوْ بعَيْنَيَّ التَقيْتَ بها
لنْ تلْتَقِي مِثْلَها لوْ بعْدَ أجْيالِ
يزْهُو الثَرى حِينَ تَخْطُو فَوْقَهُ طَرِباً
نَشْوانَ منْ وقْعِ مَمْشى كَعْبِها العالِي
القلْبُ يَطْرَبُ إنْ كانَتْ تُحَدِّثُنِي
فالنبْسُ خمْرٌ لمُشْتاقٍ كأَحْوالِي
قلْ لي أ سَمْراؤُكَ ائْتَمّتْ بسَمْرائِي
سمْرائِيَ الحلْوَةُ الأشْهى بلا هالِ
(بحر البسيط)

*******************
فأجاب في 28/ 5/ 2009 بما يلي

لكلٍ ما اشتهى
أسعد المصري
أنْ تُبْدِلَ العَينَ، أو تسْتبدِلَ الرائي
كأَنْ تُبادِلَ بيْنَ الزّايِ و الرّاءِ
في كلِّ لونٍ من الألوانِ ما يُغري
و ليْستِ الشمسُ إنْ تدنو بصفراءِ
إنْ تشتهي، لكَ في سمرائِكَ المُشتهى
و لي إذا ما اشتهيتُ الدفءَ سمرائي!
(بحر البسيط)

*******************
أعدت مناكفته بعد يومين في 30/ 5/ 2009

لمَ التهرب؟
أمين سرحان
وَلِمَ التّهَرُّبُ مِنْ حقَائِقَ قُلْتُها
هَلْ بالهَوَاجِسِ تبْتَغِي إِلْهَائِي
فإذَا بَدَا لَكَ أنْ لِكُلًّ ما اشْتَهَى
ذاكَ انْسِحابٌ بَيِّنُ الإمْلاءِ
حسْنائِيَ البَدْرُ التّمامُ إذا بدَتْ
لارْتَدَّ بدْرُ الليْلَةِ القَمْراءِ
أتُرَى السّماءُ بِغَيْرُ بدْرٍ واحِدٍ؟
إلّا إذا احْوَلَّتْ عُيُونُ الرائِي!
وإذَا درى العُشّاقُ قدْرَ جمالِها
سارُوا الفَراسِخَ دُونَما إعْياءِ
في الأرْضِ إنْ سَمِعَ الخَلِيْقَةُ شَدْوَها
حَجّوا لَها جَرْياً بِلا إبْطاءِ
وإذا وَزَنْنا العَقْلَ وزْنَ رَجاحَةٍ
لتَفَوّقَتْ بِحَصَافَةِ العَقْلاءِ
سَمْراؤُكَ انْطِقْ إنْ جَرُؤْتَ صِفاتَها
فأَنا مُحَالٌ صِنْوُها حَسْنائِي

(بحر الكامل)

05- 06- 2009

عذراً آنستي الصغيرة


عذراً آنستي الصغيرة
أمين سرحان

أتُوقُ إلَيْكِ آنِسَتي الصَغِيرَةْ
لبَسْمَتِكِ المُنَاوِرَةِ الخَطِيرَةْ
إلى الخَجِلِ الذي يُزْهي الأُنُوثَةْ
إلى الضَحِكاتِ منْ خَلْفِ الضَفِيرَةْ
إلى نبَراتِ صوْتِكِ في الحديثِ
إلى الهَمَساتِ تتْرُكُنِي بِحِيرَةْ
إلى الصَوْتِ المُلَغّمِ بالإثارَةْ
فأسْرَحُ في خيالاتٍ قَصيرَةْ

فيديو القصيدة

أُسافِرُ في عُيُونِكِ نحْوَ شَطٍّ
على طَرَفٍ قصِيٍّ في جَزِيرَةْ
لنَنْأَى عنْ جمِيعِ الخلْقِ بُعْداً
فتَنْعَمُ بالهُوَى عَيْنُ الصّغِيرَةْ
يُفاجِئُنا سنا برْقٍ فنسْعى
إلى دارٍ تكُونُ لنا مُجِيرَةْ
(سنا: لمعان)
نرى كوخاً نأى أهْلُوهُ عَنْهُ
فنَهْرَعُ تلقُفينَ يدي الخَفَيرَةْ
(الخفيرة: الخفير هو الحارس)
لنُوقِدَ نارَ أحْطابٍ تَقِينا
خُطُورَة برْدِ عاصِفةٍ مَطِيرةْ
على أصْواتِ طقْطَقةِ احتِراقٍ
طغَتْ أصْواتُ أمْطارٍ غزِيرَةْ
فألْمَحُ في عُيُونِكِ رعْدَ خوْفٍ
فتَحْضُنُنِي ذِراعَيْكِ الصّغِيرَةْ
فأُطْبِقُ ساعِدَيَّ عَلَيْكِ فَوْراً
على صدْرِي أرى عَيْناً قَرِيرَةْ
و يأْتِي هاتِفٌ يدْعُوكِ حالاً
ألا قومي، ألا فُكّي الضفِيرَةْ
دعِي الشّعْرَ الحرِيرِيَّ الطَوِيلَ
يُسافِرُ نحْوَ منْ يُرْضِي غُرُورَةْ
دعِيهِ يَسِيْلُ نهْراً في يدَيْهِ
يهِيمُ بهُ و يسْتَنْشِي عَبِيرَهْ
ألا هُبّي و صُولي، أمْ تُراكِ
تخَافينَ التلَعْثُمَ أوْ غَرِيرةْ
(غريرة: غرّ وغريرة أي لا تجربة لها)
ألا هُبّي فما عُدْتِ الصَغِيرَةْ
كبِرْتِ و صِرْتِ مُغْرِيَةً مُثِيرَةْ
فهَيّا أنْهِضِيهِ وعانِقِيهِ
قفِي و تَجَرّئِي كونِي جَسُورَةْ
خُذِي كِلْتا يدَيْهِ و راقِصِيهِ
دعِيهِ يَهِيمُ في رقْصِ الأمِيرةْ
***
أراكِ تُراقِصِينِي كالنّساءِ
و قدْ تعَدَيْتِ مرْحَلةَ الخَبِيرَةْ
و أخْيِلَةُ اللَهِيبِ على الجِدارِ
تُؤَجّجُ رَغْبةً فينا مُغيرَةْ
تغُيرُ لنا على كلّ الجُسُورِ
فلا ذنْبٌ عليْنا أوْ جَريرَةْ
و نَسْمَعُ هاتِفاً فِينا يُنادِي
ألا إنّ الظُرُوفَ أتَتْ أثِيرَةْ
(أثيرة: مواتية)
ألا اغْتَنِمُوا ثَوانٍ لنْ تَعُودَ
وآنٍ لنْ يَعُودَ لكُمْ نَظِيرَهْ
ألا إنَّ الحياةَ سُدىً تَضيعُ
فيا سَعْدَ امْرِئٍ سَمِعَ المَشُورَةْ
و يا لِهَناءِ منْ قَطَفَ الجَنى و
تمتّعَ قبْل أنْ يلْقى مَصيرَهْ
***
يُفاجِئُني زميرٌ في الطرِيقِ
فأصْحو منْ خيالاتي القَصيرَةْ
و ألْمَحُ في عُيُونِكِ برْقَ ضيقٍ
فأعْلمُ أنّ راحِلَتِي كَسِيرَةْ
(كسيرة: أي مكسورة)
سرَحْتُ فسامِحِينِي إنْ شطَطْتُ
وعُذْراً منْكِ آنستي الصَغِيرَةْ

28- 7- 2023


القصيدة على بحر "الوافر".

كمْ عُمْرُك


كمْ عُمْرُك
أمين سرحان

سأَلَتْ تسْتَفْسِرُ عنْ عُمْرِي
تتَوَسَّمُ تِبْيانَ السّرِّ
فشَبابٌ يَغْلُبُ أشْعارِي
والشّيْبُ اسْتَفْحَلَ في شَعْرِي
قلتُ اخْتارِي ما المِعْيارُ
جَسَدٌ، قلْبٌ أوْ بالفِكْرِ؟
نظَرَتْ والدّهْشَةُ تغْمُرُها
رمَقَتْنِي تَعْجَبُ مِنْ أمْرِي

فيديو القصيدة

قالَتْ: فالعُمْرُ بأَعْوامٍ
وَ سِوَاهُ قِياساً لا أدْرِي
أ تَقِيسُ العُمْرَ بمِقْياسٍ
غيْرَ الأعْوامِ كما يَجْرِي؟
قلْتُ إنْ كانَ العُمْرُ الشّكْلَ
فالتّجْمِيلُ عُكّازُ العُمْرِ
الشّيْبُ يُخَضَّبُ باللَوْنِ
والصُّلْعُ لهُمْ زرْعُ الشّعْرِ
بالحَقْنِ تَجَاعِيدٌ تُخْفَى
ويُبَيَّضُ جِلْدٌ بالقَشْرِ
فيَبانُ الكَهْلُ فتِيّاً لَـ
كِنْ هلْ يُلْغِي دَوْرَ النَّخْرِ؟
قالَتْ كيْفَ التّصْنِيفُ إذاً
إنْ لمْ نَحْسِبْ أثَرَ الدَّهْرِ
قُلْتُ الأعْمارُ بأنْواعٍ
بعْضٌ بالقَلْبِ و بالفِكْرِ
والمُعْظَمُ أزْمانٌ تمْضِي
تُحْصى بالعامِ وبالشّهْرِ
لا تُجْدِي نفْعاً في شيْءٍ
منْ يوْمِ الحَمْلِ إلى القَبْرِ
قالَتْ مُتَحَمِّسَةً: هَيّا
خمّنْ بالقلْبِ إذاً عُمْرِي
قلْتُ قلْبُ المَرْءِ بِنَبْضاتِهْ
إذْ نَبْضُةُ حُزْنٍ بالدّهْرِ
قدْ تَجْعَلُ طِفْلاً كالكَهْلِ
منْهُوكاً مَكْسُورَ الظَهْرِ
نَبْضُ الأفْراحِ بثَانِيةٍ
يَمْضِي كالبَرْقِ ولا نَدْرِي
لوْ أذْكُرُ لحْظاتَ الفَرْحِ
أخْبَرْتُكِ تقْرِيباً عُمْرِي
فأُمُورُ القَلْبِ مُعَقّدَةٌ
والعُمْرُ خَفِيٌّ بالصَّدْرِ
قالَتْ هذا شأْنُ القَلْبِ
قلْ ماذا عنْ شأْنِ الفِكْرِ
هلْ يُفْرَزُ أيْضاً أصْنافاً
و يُحَدِّدُ مِقْدارَ العُمْرِ؟
قلْتُ الكُتّابُ لَهُمْ فَرْزٌ
بعْضٌ غثٌّ، بعْضٌ يُثْرِي
وكذا العُلَماءُ قدِ افْتَرَقُوا
ما بيْنَ الشّرّ أوِ الخيْرِ
فقِياسُ العُمْرِ يُحَدّدُهُ
نفْعٌ أوْ منْعٌ للضُّرِّ
فلِذلِكَ تقْدِيرُ العُمْرِ
متْرُوكٌ في يدِّ العَصْرِ
قالَتْ أيْ تُخْفِي العُمْرَ إذاً
تتَفَنّنُ في عَدَمِ الجَهْرِ
مالِي بالنّبْضِ و بالفِكْرِ
ميلادُكَ دُوِّنَ بالحِبْرِ
أنظُرْ في خانَةِ مَوْلُودٍ
بالمِيلادِي أوْ بالهِجْرِي
ولْتحْسِبْ كمْ حوْلاً وَلّى
كيْ تعْرِفَ مِقْدارَ العُمْرِ
قلْتُ الأرْقامُ مُجَرَّدَةٌ
إنْ كانَتْ طُولِي أوْ عُمْرِي
أمّا التَرْقِيمُ فَقانُونٌ
تنْظِيمٌ صِحّيٌّ جَبْرِي
دَعْ عنْكِ حِسابَ الأرْقامِ
لا يصْلُحُ في أمْرِ العُمْرِ
فالعُمْرُ قَناعَةُ أذْهانٍ
إنْ لمْ تفْتِرْ هِمَمُ السّيْرِ
لنْ تفْتِكَ رِيحٌ بالمَرْءِ
إنْ أبْدَعَ في فنِّ الصَبْرِ
إنْ شِئْنا نبْقَى شُبّاناً
أوْ شِئْنا نجْهَزُ للكَسْرِ
سكَتَتْ والبَسْمَةُ تَغْمُرُها
بهَتَتْها فلْسَفَةُ العُمْرِ
قالَتْ أثْقَلْتُ بأَسْئِلَتِي
فاعْذُرْنِي لمْ ألْجُمْ ثغْرِي
إذْ إنّ فُضُولِي حرّضَنِي
فسَعَيْتُ لمعْرِفَةِ السِّرّ
إنّي بالشّعْرِ لَمُعْجَبَةٌ
وبُرُوعِكَ في نَظْمِ الشِّعْرِ
وحَكِيمٌ ما شَاءَ اللّهُ
قُطْبٌ مدْعاةٌ للفَخْرِ
طبَعَتْ بجَبِينِي قُبْلَتَها
منْ ثغْرٍ يَطْفَحُ بالبِشْرِ
وضَحِكْنا مِلْءَ الأشْداقِ
ما أحْلى اللحْظَةَ كالسِّحْرِ
ودَعَتْنِي نلْتَقُمُ الحَلْوى
في مَقْهىً وَرْدِيٍّ زَهْرِي
فأَضَعْتُ بذلِكَ فلْسِفَتِي
ونَسِيْتُ دوَاوِينَ الشِعْرِ

10- 2- 2023


القصيدة على بحر "المتدارك".

الأحدث

كن أحد المتابعين

Followers