صرخة مغترب
صرخة مغترب
للشيخ الشاعر
د. محمد صدقي بن أحمد البورنو الغزي
د. محمد صدقي بن أحمد البورنو الغزي
سئِمْتُ حياتِي غُرْبَةً و تَشَرُّدا
ملَلْتُ بقَائِي في الشقَاءِ مُسَهّدا
وضِقْتُ بنَفْسِي والحَياةِ ومَنْ أرَى
وأَظْلَمَ في عيْنِيْ الصّباحُ و أرْبَدا
أعِيشُ على الدُّنْيا كرَاكِبِ ناقَةٍ
تطَوّحَ في بيْداءَ قفْرٍ فَما اهْتَدى
وصَارَ يَغِذُّ السّيْرَ يرْجُو سَلامَةً
ويَطْمَعُ في آلٍ يرَاهُمْ على مَدى
فيديو القصيدة
يظُنُّ و جَهْلاً أَنْ سيَلْقى أمانَهُ
فأَصْبَحَ يعْدُو في المَفازَةِ مُجْهَدا
(المفازة: الصحراء المقفرة)
فمَا نالَ خيْراً بلْ أكَبَّ على الثَرَى
وأَنْهَكَهُ طُولُ السُّرَى حِينَما عَدا
(السُّرى: السير وخاصة في الليل)
كذَاكَ أرَانِي فِي الشّقَاءِ يَلُفُّنِي
يُحِوّطُنِي بؤْسٌ يُحَالِفُهُ الرّدى
ويَسْأَلُنِي خِلِّي علامَ؟ ولا أرى
علَيْكَ مِنَ الأحْزَانِ ثوْباً مُسَوّدا
وتَضْحَكُ دَوْماً للْحَياةِ ولا تَنِي
(تني: من ونى أي ضَعُف وفَتَر)
تبُثُّ حَوالَيْكَ السُّرُورَ مُغَرّدا
وتَضْحَكُ للْدّنْيا وتَبْسُمُ للْهَوَى
وتَعْبَثُ بالأَحْزانِ سِرّاً ومَشْهَدا
فمَا لِي أراكَ اليَوْمَ في غَيْرِ حالةٍ
أصابَكَ ضُرٌّ أمْ غَدَا لَكَ منْ غَدا
رُوَيْدَكَ صاحِ لا تَلُمْنِي فإنّنِي
برَغْمِي لأَشْكُو شَقْوَةً وتَسَهّدا
لقَدْ فاضَ كأْسُ الصّبْرِ حتّى وجَدْتَنِي
أبُوحُ بمَكْنُونِ الشِّكَايَةِ مُرْعِدا
لإنْ كُنْتُ أرْنُو للْحَياةِ تَبَسُّماً
فبَيْنَ ضُلُوعِي نارُ بؤْسٍ لهِا صَدى
أ أسْعَدُ فِي الدُّنْيا و أوْطَانِيَ التي
غدَوْتَ ترَاهَا في يَدِ الذُّلِ والرَدى
حَلالٌ رُؤَاهَا للوَرَى غيْرَ أُمّتِي
وبتُّ شريداً ضائعَ الحقِّ مُجْهدا
أيَسْكُنُها الأوْغادُ يبْنُونَ دوْلةً
وأَسْعَدُ في الدُّنْيا؟ حَرَامٌ أنَ اسْعَدا
أ أسْعَدُ في الدُّنْيا و أهْلِي بِنَجْوَةٍ
منَ الأرْضِ ما ذاقُوا السّعَادَةَ والهُدى
أ أسْعَدُ في الدُّنْيا غرِيباً مُشَرّدا
وإنْ كنْتُ ذا مالٍ وإنْ كنْتُ سَيّدا
أ أسْعَدُ في الدُّنْيا و ليْسَ بِجَانِبِي
أنِيسٌ لِرُوحِي يُنْعِشُ النّفْسَ بالنّدى
أ أسْعَدُ في الدُّنْيا و كلُّ الذي أرى
وبالٌ وتَضْلِيلٌ ولا شَيْءَ مُسْعِدا
ففِيمَ إذاً يا صاحِ لا أرْفَعُ النِدا
بشَكْوَايَ محْزُوناً و طَوْراً مُرَعِّدا
12 ـ 1963
القصيدة على بحر "الطويل".
Subscribe to:
Post Comments (Atom)
الأحدث
كن أحد المتابعين
0 comments:
Post a Comment