مُذ ْ تركتِ

09 Dec 2024


مُذ ْ تركتِ
أمين سرحان

لمْ يبْقَ لي بعْدَ النُّؤَى أرْكانُ
إذْ مذْ ترَكْتِ تصَدّعَ البُنْيانُ
صَرْحِي هوَى وتبعْثرتْ أرْكانِي
ما عادَ لي سَقْفٌ ولا جُدْرانُ
فلقَدْ تَهاوَى كلُّ شيْءٍ كانَ
وعلى الخَرابَةِ حامَتِ الغِرْبانُ
حتّى السّمَاواتُ اكفَهَرّتْ غمّاً
حُزْنٌ طغَى واسْوَدّتِ الأَلْوانُ

فيديو القصيدة

ريحٌ مُزَمْجِرَةٌ سرَتْ فِي الكوْنِ
عمّ الحُطامُ فعاثَتِ الفِئْرانُ
مُذْ غِبْتِ ما عادَ الرّبِيعُ ربَيعاً
فنَتِ الزرُوعُ وأَجْدَبَ البُسْتانُ
برَحِيلِكِ انْتَحَرَ الصّبَاحُ العَذْبُ
وطَغَى على أجْوائِهِ الإنْتانُ
وتَكَاثَرَتْ حوْلِي الثّعالِبُ تَعْوِي
لمّا ظَنَنْتُ بِأَنّها حِمْلانُ
و بَناتُ آوَى اسْتفْردتْ في العتْمِ
بفَرِيسَةٍ عنْها سهى الرُعْيانُ
وتَكالَبَتْ كلُّ الضّوَارِي حوْلي
و اصْطَكّتِ الأنْيابُ و الأَسْنانُ
كلُّ الضّوَارِي ترْقُبُ الإعْياءَ
إنْ غابَ عنْكَ الصّحْبُ والخِلّانُ
ما عدْتُ أهْنَأُ لحْظةً مذْ غبْتِ
حتّى بلَيْلِي نائِمٌ يقْظانُ
النوْمُ عنْدِيَ كيْ أُمَرّرَ ليْلةً
علّ الصّباحَ ترُدُّكِ الشُطْآنُ
و أخَالُ صَوْتَكِ قادِماً عنْ بُعْدٍ
فأَقُولُ جاءَتْ، وانْتَهَى الإِحْزانُ
الأكْلُ عنْدِيَ كيْ أعِيشَ لعَلّكِ
قدْ ترْجِعي لوْ فوْقيَ الأكْفانُ
بلْ ما اسْتَسَغْتُ للُقْمةٍ مذْ غِبْتِ
فالأكْلُ كلُّ مَذَاقِهِ سيّانُ
حتّى ولا حرّكْتُ أغْراضاكِ
كيْ لا يكُونَ مَصِيرُها النِّسْيانُ
ولَكَمْ ودَدْتُ إعَادَةَ الأيّامِ
هيْهاتَ أنْ تُسْتَرْجَعَ الأزْمانُ
فبأيّ أوْسِمةٍ رُشِمْتُ الآنَ
و الصّدْرُ بالأحْزانِ يزْدانُ
ولَكَمْ دعَوْتُ تَضَرّعاً للّهِ
أنْ ترْجِعِي كيْ تَدْفَأَ الأحْضَانُ
بلْ لمْ أزَلْ أدْعُوهُ طُولَ الوقْتِ
فلَعَلّ يوْماً تنْتهي الأشْجانُ
عُودِي إلَيَّ فَدُونَكِ الدّنْيا لا
يبْقى بها شيْءٌ لهُ تَحْنانُ
باللّهِ عُودِي لمْ يعُدْ في العُمْرِ
بقِيّةٌ تُرْجى ولا أزْمانُ

4/2/2009


القصيدة على بحر "الكامل".

0 comments:

Post a Comment


كن أحد المتابعين

Followers