شهرزاد


شهرزاد
أمين سرحان

أيا حسْناءُ يكْفيكِ التّجنّي
قسَوْتِ عَلَيَّ مُخْطِئةً كَثِيرا
أنَا غَيْرُ الذي قدْ قِيلَ عَنِّي
فإنّي لسْتُ للْنسْوانِ زيرا
فلا تُصْغي لأفّاقٍ حَسُودٍ
وُصِمْتُ بَذَاكَ بُهْتاناً وَزُورا
مُلفّقةٌ أحاديثُ الوُشاةِ
يَحيكونَ الدَّسائِسَ والشُّرورا
يخِيطُونَ افْتِرَاءاتٍ لحِقْدٍ
أنا، ما كنْتُ يوْماً شهْريارا



إماءٌ حوْلهُ مِنْ كلّ عِرْقٍ
براعِمُ كادَ أنْ تغْدو زُهورا
بأثْداءٍ تموْجُ كموْجِ بحْرٍ
يُراقصْنَ اللآلئَ والحريرا
تهَادى تحْتهُنَّ رياشُ فرْشٍ
بأرْدافٍ يُداعبْنَ السّريرا
تدَلِّلُهُ الجَوارِي ماجِنَاتٍ
على نغمٍ يُمايلْنَ الخُصورا
يطوْفُ بهنَّ غِلْمانٌ وِسَامٌ
بأقْداحٍ مترّعةٍ خُمورا
بخوْرٌ مائجٌ فيْ كلّ ركْنٍ
تُنافسهُ الحِسانُ شذاً مُثيرا
وشقْراءٌ تُناولهُ النّبيذَ
وسمْراءٌ تُدلّكهُ عُطورا
يعانقهنّ.. يسْهرْن الليالي
فلا يدْرون إنْ صارتْ نهارا
بأجْسادٍ تُدَفِّئُهُ الشِّتاءَ
فلا يوْقدْنَ أحْطاباً و نارا
ويخْتارُ الّتي تُنْشيهِ ليْلاً
وعذْراءً يُضاجِعُها سُحورا
وعنْد الصُّبْحِ يُحْضرها ذَلولاً
ليذْبحها كمَنْ ينْحرْ بَعيرا
يُعيدُ الكرّ آلافَ الليالي
وما مِنْهُنّ منْ تكْفي الأمِيرا
****
أنا ما كنْتُ يوْماً ذا مُجونٍ
أجلْ... ما كنْتُ يوْماً شهْريارا
فلا أنْوي بأنْ أُغْدو غَدورا
ولا أنْوي بأنْ أُضْحي حقيرا
فقلْبي خاويُ الحُجُراتِ خالٍ
صدا ريحٍ بهِ يعْوي صَفيرا
تُعانِقُهُ العَوَاصِفُ والرّياحُ
وتَحْضُنُهُ البُرُودَةُ زِمْهَرِيرا
هموْمٌ عشْعشتْ فيْ كلّ رُكْنٍ
فصدّعتِ الجوانِبَ والجِدارا
فما مِنْ ساكنٍ فيهِ يُرمّمُهُ
ولا مِنْ شَاغِلٍ يُحْيِي الديارا
ولا لي منْ يُقابلني بدفْءٍ
ويُهْدِي قلْبَيَ العَانِي حُبُورا
****
فهلْ لي منْ تُقبّلُنِي بشَوْقٍ
وتَعْشَقُنِي وتُرْقدني الخدورا؟
ألا لِي شهْرزادٌ تَحْتويني؟
لكَيْ أنْسى البُرودَةَ والمَرارا
لَعَلّي ذَاتَ يَوْمٍ ألْتَقِيكِ
فأَيْنَ أَجِدْكِ يا ذَهَباً توارى
سأبْحثُ عنْكِ فيْ كلّ النّواحي
وأسْتجْلي الفيافيَ والقِفارا
تُرى هلْ إبْنةُ البَدويِّ أنْتِ؟
على جملٍ تجوْبيْنَ الصّحارى؟
تُرى هلْ إبْنةُ القُرويِّ أنْتِ؟
بِريفٍ قُرْبَ أطْيارِ الحُبارى؟
تُرى هلْ إبْنةُ الصّيّاد أنْتِ؟
تصيدين اللآلئ والمحارا؟
هُنالِك حيْثُ تخْطو شهْرزادُ
خُطاها تُنْبتُ الأرْضَ زُهوْرا
هُنالٍك حيْثُ تغْفو شهْرزادُ
يَغيبُ البدْرُ مُغْتاظاً غَيورا
عسى يوْماً أُصَادِفُ شَهْرَزادَاً
فتَمْتَلِئُ الحيَاةُ بِهَا سرُورا
رجائي إنْ وجدْتكِ يا ملاكي
تعَالِي واعْتَلِي عرْشاً وثِيرا
تعالي واسْكُني قلْبي الفَسيحَ
هلُمّي وانْفضي عنْهُ الغُبارا
رجائي إنْ وَشُوا بي شهْرزادُ
تباهي واقْصصي عنّي فَخَارا
أجلْ "ما كان يوْماً شهْريارا"

23- 1- 2009
القصيدة على بحر "الوافر".




2 comments:

Anonymous said...

رائعة ولكن وجدت أن الراقصات تشتت الانتباه

Anonymous said...

ما شاء الله رائعة ... يا بختها شهرزاد فيك يا شهريار :)

Post a Comment

الأحدث

كن أحد المتابعين

Followers